-->

    كيف يتغلب المؤمن على التجارب

     كيف يتغلب المؤمن على التجارب

     كيف يتغلب المؤمن على التجارب



    يوجد عدة انواع من التجارب . منها ما هو سلبي ومنها ما هو ايجابي .
    لنبدأ بالتجارب الايجابية الهادفة الى امتحان الايمان ، والتي اسمح لنفسي بأن اقول انها تجارب مباركة ولازمة ينبغي ان لا نتذمر بسببها بل ان نشكر الله كثيرا من اجلها . الرسول يعقوب يقول عن هذه التجارب " احسبوه كل فرح يا اخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة . عالمين ان امتحان ايمانكم ينشىء صبرا . واما الصبر فليكن له عمل تام لكي تكونوا تامين وكاملين غير ناقصين في شيء " يع 1 : 2-4 . فمثل هذه التجارب يسمح بها الله لكي ينقي ايماننا ويصفيه كما الذهب الذي يدخل في النار لتصفيته وتنقيته من الشوائب فيلمع اكثر . والغاية كما قرأنا هي الانتقال بنا الى حالة الكمال الروحي ، الذي من خلاله نستطيع ان نمجد الله في حياة الطاعة الكاملة مهما كانت الظروف والصعوبات . وهذا ما يقول عنه الرسول بطرس " الذي به تبتهجون ( الخلاص ) مع انكم الآن ، ان كان يجب ، تحزنون يسيرا بتجارب متنوعة ، لكي تكون تزكية ايمانكم ، وهي اثمن من الذهب الفاني مع انه يمتحن بالنار ، توجد للمدح والكرامة والمجد عند استعلان يسوع المسيح " 1 بط 1 : 6و7
    .

    ومثل هذه التجارب يعتبرها الرب مشاركة في الامه . وعليه ، فان مجازاة عظيمة ستكون بانتظار من يحتملها كما يقول الرسول بطرس ايضا " ايها الاحباء لا تستغربوا البلوى المحرقة التي بينكم حادثة لاجل امتحانكم ، كأنه اصابكم امر غريب . بل كما اشتركتم في الام المسيح افرحوا ، لكي تفرحوا في استعلان مجده ايضا مبتهجين . ان عيرتم باسم المسيح فطوبى لكم لان روح الله والمجد يحل عليكم " 1 بط 4 : 12-14 . وكما يقول الرسول يعقوب ايضا " طوبى للرجل الذي يحتمل التجربة . لانه اذا تزكى ينال اكليل الحياة الذي وعد به الرب للذين يحبونه " يع 1 : 12 .

    ومن الضروري معرفة ان هذا النوع من التجارب يكون بحدود معينة لا يسمح فيها الرب بيأس المؤمن ، كما يقول الرسول بولس " لم تصبكم تجربة الا بشرية . ولكن الله امين الذي لا يدعكم تجربون فوق ما تستطيعون . بل سيجعل مع التجربة المنفذ لتستطيعوا ان تحتملوا " 1 كو 10 : 13 . كما ان هذا النوع من التجارب يمكن ان يكون وقتيا لانه " يعلم الرب ان ينقذ الاتقياء من التجربة ، ويحفظ الاثمة الى يوم الدين معاقبين " 2 بط 2 : 9 . ومن الممكن ان يكون هذا النوع من التجارب مستمرا في حياة المؤمنين ، الا ان الله في المقابل يعطيهم نعمة متواصلة ايضا لاحتمالها بفرح كما في حالة الرسول بولس الذي قال عن تجربته في الجسد " ولئلا ارتفع بفرط الاعلانات اعطيت شوكة في الجسد ملاك الشيطان ليلطمني لئلا ارتفع . من جهة هذا تضرعت الى الرب ثلاث مرات ان يفارقني ، فقال لي تكفيك نعمتي لان قوتي في الضعف تكمل . فبكل سرور افتخر بالحري في ضعفاتي لكي تحل علي قوة المسيح " 2 كو 12 : 7-9 .

    ولا بد من الاشارة هنا الى ان اكثر ما يعزي المؤمنين في مثل هذه التجارب هو انهم يتشبهون بربهم وسيدهم يسوع المسيح ، الذي يقدر الى التمام قيمة آلام المؤمنين من اجل البر ، لذلك فهو يتدخل لمعونتهم " لانه في ما هو قد تألم مجربا يقدر ان يعين المجربين " عب 2 : 18 . وما على المؤمنين في هذه الحال الا التسليم لمشيئة الله بالصلاة والثقة في الرب لنوال المعونة " لان ليس لنا رئيس كهنة غير قادر ان يرثي لضعفاتنا ، بل مجرب في كل شيء مثلنا ، بلا خطية . فلنتقدم بثقة الى عرش النعمة ، لكي ننال رحمة ونجد نعمة عونا في حينه " عب 4 : 15و16 .

    اما بالنسبة للتجارب السلبية ، فاننا نعلم ان الشيطان هو الذي يقف وراءها ، وهدفه من تجربتنا هو نزع السلام من قلوبنا وتشويه شهادتنا المسيحية بهدف جلب العار على اسم المسيح المبارك الذي دعي علينا . فقد ورد عن الشيطان في الكتاب المقدس انه المجرب كما في مت 4 : 3 ، حيث انه تجرأ على تجربة المسيح في البرية ، فكم بالحري يتجرأ على تجربة البشر ، ولا سيما المؤمنين .

    والشيطان يجرب المؤمنين بالشهوات كما هو مكتوب " لا يقل احد اذا جرب اني اجرب من قبل الله ، لان الله غير مجرب بالشرور ، وهو لا يجرب احدا . ولكن كل واحد يجرب اذا انجذب وانخدع من شهوته . ثم الشهوة اذا حبلت تلد خطية ، والخطية اذا كملت تنتج موتا " يع 1 : 13-15 . كما ان الشيطان يجرب المؤمن بمحبة المال والغنى وتعظم المعيشة " واما الذين يريدون ان يكونوا اغنياء فيسقطون في تجربة وفخ وشهوات كثيرة غبية ومضرة تغرق الناس في العطب والهلاك . لان محبة المال اصل لكل الشرور ، الذي اذ ابتغاه قوم ضلوا عن الايمان وطعنوا انفسهم بأوجاع كثيرة " ا تي 6 : 9و10 .
    اما كيف يتغلب المؤمن على التجارب ؟ فاليك ببعض النصائح :

    اولا ، الصلاة . قال ربنا يسوع لتلاميذه في الليلة التي اسلم فيها للصلب " اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة ، اما الروح فنشيط واما الجسد فضعيف " مت 26 : 41 . فما من شيء يرعب الشيطان سوى رؤية مؤمن ساجد على قدميه ويصلي . فعندما تلوح بوادر التجربة ، ارفعي قلبك بالصلاة لكي يمنحك الله القوة اللازمة بروحه القدوس للتغلب على التجربة . وهو بالتأكيد سيفعل .

    ثانيا ، لتكن كلمة الله هي غذاؤك اليومي كما يقول الرسول بولس " لتسكن فيكم كلمة المسيح بغنى . وانتم بكل حكمة معلمون ومنذرون بعضكم بعضا بمزامير وتسابيح واغاني روحية بنعمة مترنمين في قلوبكم للرب " كو 3 : 16 . ففي وقت التجربة ستعمل كلمة الله عملها اذا كانت ساكنة بشكل راسخ في اذهاننا وقلوبنا ، لكي ترشدنا الى عمل ما هو صواب . لقد كانت اجابة الرب يسوع عند تجربته ثلاث مرات من قبل الشيطان " مكتوب " مت 4 : 4و7و10 . فقد كان المكتوب هو سلاح المسيح للنصرة على الشيطان وتجاربه . ونحن يمكننا ان نأخذ العبر من الذين وردت سيرهم في المكتوب لنتمثل بهم ، كيوسف الذي هرب من امام امرأة سيده عندما حاولت ان تمارس الخطية معه . " فان كل الكتاب هو موحى به من الله ، ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البر ، لكي يكون انسان الله كاملا متأهبا لكل عمل صالح " 2 تي 3 : 16و17 .

    ثالثا ، اعتمد سياسة الهرب . فان الوجود في ساحة التجربة لا بد وان يؤثر علينا سلبا بسبب ضعف الجسد كما قال ربنا يسوع . لذلك فان الهرب هو من الوسائل الناجحة جدا للانتصار على التجارب كما فعل يوسف قديما . فالرسول بولس عندما تحدث عن " الذين يريدون ان يكونوا اغنياء فيسقطون في تجربة وفخ " اضاف " واما انت يا انسان الله فاهرب من هذا . واتبع البر والتقوى والايمان والمحبة والصبر والوداعة " ا تي 6 : 11 . ويقول لتيموثاوس ايضا " اما الشهوات الشبابية فاهرب منها ، واتبع البر والايمان والمحبة والسلام مع الذين يدعون الرب من قلب نقي " 2 تي 2 : 22 . ويقول لاهل كورنثوس " اهربوا من الزنى " 1 كو 6 : 18 وايضا " لذلك يا احبائي اهربوا من عبادة الاوثان " 1 كو 10 : 14. ففي حربنا الروحية لا بد احيانا من الهرب ، عندما نرى ان الامور حولنا قد اصبحت تشكل خطرا علينا . والهرب يتم بمغادرة المكان المعرضين فيه للتجربة ، او الانشغال بعمل امور مفيدة في المنزل او الحديقة ، او ممارسة اي نوع من الهوايات او الرياضة ، او الاشتراك في نشاطات جماعية مع اشخاص نرتاح لوجودهم وصداقتهم .

    ولا يفوتنا ان نشير الى ما قاله الرسول بولس " اخيرا يا اخوتي تقووا في الرب وفي شدة قوته . البسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا ان تثبتوا ضد مكايد ابليس . فان مصارعتنا ليست مع دم ولحم ، بل مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر مع اجناد الشر الروحية في السماويات . من اجل ذلك احملوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا ان تقاوموا في اليوم الشرير ، وبعد ان تتمموا كل شيء ان تثبتوا . فاثبتوا ممنطقين احقاءكم بالحق ، ولابسين درع البر ، وحاذين ارجلكم باستعداد انجيل السلام ، حاملين فوق الكل ترس الايمان الذي به تقدرون ان تطفئوا جميع سهام الشرير الملتهبة ، وخذوا خوذة الخلاص ، وسيف الروح الذي هو كلمة الله ، مصلين بكل صلاة وطلبة كل وقت في الروح ، وساهرين لهذا بعينه بكل مواظبة وطلبة لاجل جميع القديسين " اف 6 : 10-18 .

    ولربنا يسوع المجد والكرامة الى ابد الآبدين . آمين
    .

    ليست هناك تعليقات: